ارشيفيه
ارشيفيه


«لغة الصامتين».. قصة قصيرة للكاتب محمود حمدون

صفوت ناصف

الخميس، 07 سبتمبر 2023 - 07:46 م

حبيس إشارات تأتيني على فترات.. منها ما يرفعني لأعلى علّيين وأخرى تخسف بي الأرض، قد يُعلي بعضها من شأني حتى أحسب أنّي وليًّ من الصالحين، وقد أسمو حتى أصبح نبيًّا سيوحى إليه وسيبعث إلى قوم يكرهونه ولا يعرفهم. لكني أستشعر أحيانًا كثيرة أني آثم لا تُرجى توبته..

كلما رأيت واحدة منها، أسرع إلى عرّافة قابلتها قبل سنوات. بين يديها أقعد وأحكي همّي، تُصغي بجوارحها لي، لا تفارقها ابتسامتها الصبوح، لا تفتر عيناها أن ترسل لي رسائلها الخاصة التي أدركها أنا، فلغة الصامتين بيننا أشد وضوحًا من صدح البلابل.

 

قبل أن أنتهي من تلاوة حكايتي تكون قد التقطت منّي خيط الحديث، فتُثني عليّ، تمدحني كثيرًا بما ليس فيّ، حتى أظنها أمي وهي تهدهدين قبل عقود بعيدة وتراني في عينيها أفضل من وُجد على الأرض. 

 

حديثها حلو غير أنني أنسى أكثره قبل أن أقوم من مقامي لكن حين تنتهي «عرّافتي» من تفسيرها، يختلط عليّ كل شيء، كما يضيع صوتها الرقيق بين ضباب كثيف يلفّني لفًّا.

فقط عبارتها اليتيمة التي تختم بها لقاءنا كل مرة، تظل تطنّ بأذني: يا بختك بإشاراتك، ثم تنهض وتُقبّل ما بين عينيّ و..... إشارة أخرى.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة